أخبار المغرب: القضاء ينتصر لتلميذة أمام مؤسسة تعليم عمومية
أصدر القاضي سعيد بوهلال، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس، أمرا استعجاليا يقضي بإلزام مدير مؤسسة تعليم عمومية بتسجيل تلميذة انقطعت عن متابعة دراستها في إحدى المدارس الخاصة، نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها أسرتها.
الأمر القضائي، الذي نشره الموقع الإلكتروني "المفكرة القانونية"، استند إلى مبدأ المصلحة الفضلى للطفل التي تقتضي تقديمها على أي إجراءات إدارية، وعلى صلاحية قاضي المستعجلات بشأن تحوير طلبات الأطراف لتحقيق العدالة.
وتعود فصول القضية إلى السادس من فبراير من العام الجاري، حينما تقدمت أم بمقال استعجالي أمام المحكمة الابتدائية بمكناس تعرض فيه أنها أصبحت تعيش ظروفا مادية صعبة لم تكن تتوقعها، اضطرتها إلى إيقاف متابعة ابنتها دراستها بإحدى المؤسسات التعليمية الخاصة، وأنها حينما حاولت تسجيل ابنتها في مدرسة للدولة فوجئت بعدة عراقيل إدارية أدت إلى حرمان ابنتها من متابعة دراستها لهذا الموسم، منذ تاريخ انقطاعها عن التمدرس بالمدرسة الخاصة ومغادرتها بتاريخ 9/12/2019.
والتمست الأم تبعا لذلك من رئيس المحكمة إصدار أمر استعجالي بتسجيل ابنتها قصد متابعة الدراسة بالمدرسة العمومية مع النفاذ المعجل، وأرفقت المقال بشهادة مدرسية وشهادة المغادرة التي تثبت انقطاع البنت عن الدراسة لمدة ناهزت 5 أشهر.
وتبيّن لرئيس المحكمة انطلاقا من وثائق الملف أن الطفلة غادرت مؤسستها الخاصة بتاريخ 23/12/2019 بفعل الظروف المادية الصعبة التي تمرّ بها أسرتها، وأنه لم يتمّ تسجيلها بأي مؤسسة عمومية منذ ذلك التاريخ؛ كما أن انقطاعها عن التمدرس استمر طيلة فترة تزيد عن أربعة أشهر من الموسم الدراسي الحالي، أي ما يعادل نصف الموسم.
واعتبر رئيس المحكمة أن "المصلحة الفضلى للأطفال تقتضي أن يتابعوا دراستهم بشكل انتظامي في أي مؤسسة عمومية"، وأنه "كان على مصالح التعليم التابعة للدولة إيجاد حل للطفلة ضحية الظروف الاجتماعية، لا عرقلة تسجيلها بإحدى مؤسسات التعليم العمومي"، ليخلص إلى أن "حالة الاستعجال القصوى قائمة في نازلة الحال لتفادي ضياع سنة دراسية كاملة للطفلة".
وأورد موقع "المفكرة القانونية" أنه كان لافتا في هذا الأمر أن رئيس المحكمة لجأ إلى تحوير طلب المدعية، إذ اقترح على المؤسسة العمومية عدة خيارات بهدف متابعة الطفلة دراستها من خلال "ربط الاتصال بمؤسستها الخاصة للحصول منها على نقط المراقبة المستمرة"، أو "إفرادها بامتحان في مختلف المواد للتأكد من مدى جدارتها لاجتياز الدورة الأولى"، معللا ذلك بصلاحية قاضي المستعجلات في تحوير طلبات الأطراف تحقيقا للعدالة.
وعليه أصدر رئيس المحكمة أمرا استعجاليا بإلزام "مدير مؤسسة التعليم العمومية المدعى عليها بتسجيل الطفلة بنفس المؤسسة، بمستوى الأولى إعدادي، والقيام بكافة الإجراءات لجعلها مواكبة للسنة الدراسية الحالية بما في ذلك الحصول على نقط المراقبة المستمرة الخاصة بها من مؤسستها التعليمية الخاصة، أو إفرادها بامتحان للتأكد من مدى جدراتها باجتياز الدورة الأولى، وإدماجها ضمن السنة الدراسية الحالية مع تحميل المدعية الصائر وشمل الأمر بالنفاذ المعجل بقوة القانون".
واعتبر الموقع الإلكتروني "المفكرة القانونية" أن أهمية هذا الأمر القضائي تبرز في كونه يعتبر من بين التطبيقات القضائية المهمة التي تستند إلى الاتفاقيات الدولية عوض الاكتفاء بمواد القانون الداخلي، "فهو يكرّس مبدأ إعمال المصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989؛ كما أنه يجسد تطورا في تصور القاضي لوظيفته القضائية التي لا تجعل دوره ينحصر في مجرد تطبيق القانون بكل حرفي، وإنما يمتدّ إلى التماس التطبيق العادل للقانون، وهو ما عبر عنه رئيس المحكمة صراحة حينما أسس حكمه على صلاحية قاضي المستعجلات في تحوير طلبات الأطراف تحقيقا للعدالة".
من جهة أخرى، يضيف الموقع المتخصص في القانون، "تبرز أهمية هذا الأمر القضائي في أن نشره يتزامن مع النقاش الدائر داخل المغرب بعد إعلان فترة الطوارئ الصحية على خلفية الخلاف بين أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصية وأهالي التلاميذ الذين يرفضون أداء واجبات تمدرس أبنائهم خلال فترة الحجر الصحي، إذ يتمسك الطرف الأول بضرورة أداء الأسر واجباتها كاملة؛ فيما يقول الأولياء إنهم لن يؤدوا مقابلا لقاء خدمات لم يستفد منها أبناؤهم وبناتهم، مطالبين بتخفيض مبالغ هذه الواجبات، خاصة أن الأسر هي التي تتحمل المسؤولية في موضوع التعليم عن بُعد، من حيث اقتناء الأجهزة الإلكترونية لأبنائها وتوفير صبيب الأنترنيت.
كما يطالب الطرف الثاني أيضا بإعفاء الأسر التي تضررت بدورها من الحجر الصحي بسبب التوقف عن العمل، وهو ما جعل عددا منها تدعو إلى سحب أطفالها من التعليم الخصوصي وتسجيلهم في التعليم العمومي".
في النهاية نشكرك على
حسن تتبعك
0 تعليقات